Kamis, 24 September 2009



أوباما يشدد على التزام الديبلوماسية والمسؤولية المشتركة والقذافي يمزق الميثاق
وينتقد الأمم المتحدة ومجلس الأمن

الخميس, 24 سبتمبر 2009


نيويورك – راغدة درغام

طرح الرئيس الأميركي باراك أوباما، في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ64 للجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الأربعاء، فلسفة أميركية جديدة قوامها الانخراط والحوار والعمل الجماعي بمسؤولية مشتركة، مدافعاً عن إنجازات إدارته، ومعترفاً بأخطاء سياسة الإدارة السابقة بتصرفاتها الانفرادية، وداعيا قادة الدول الى عدم الاكتفاء بالتذمر كعذر للتملص من المسؤولية، ومعرباً عن دعمه الكامل لمنظمة الأمم المتحدة، ومشدداً على التزامه أسلوب الديبلوماسية إنما محذراً حكومتي إيران وكوريا الشمالية بـ «المحاسبة» إذا ضربتا اليد الممدودة بعرض الحائط، ومعلناً أن الوقت حان لمفاوضات فلسطينية – إسرائيلية حول الوضع النهائي للأراضي الفلسطينية بلا شروط مسبقة مؤكداً أن «أميركا لا تقبل شرعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية»، ومتعهداً بدور شخصي عازم لتحقيق تسوية تؤدي الى قيام دولة فلسطين الى جانب إسرائيل.
وفيما ألقى الرئيس الأميركي خطاباً متكاملاً مُعداً مسبقاً لتناول القضايا العالمية بجدية وبتعهدات، انتظرت قاعة الجمعية العامة دقائق عدة قبل أن يتوجه الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الى المنصة للتحدث، في كلمة مرتجلة، عن تاريخ إنشاء الأمم المتحدة وديباجة الميثاق – وذلك فيما جلس الأمين العام بان كي مون على المنصة بتململ واضح إزاء انتظار القذافي وهو في مقعده يتلقى التحيات قبل أن يتوجه الى المنصة.
وعرّف رئيس الجمعية العامة، وزير خارجية ليبيا السابق الدكتور علي عبدالسلام التريكي، القذافي مرتين بصفاته وألقابه الكثيرة بما في ذلك لقب «ملك الملوك». وأسهب القذافي في كلمة مطوّلة تخللها تمزيق ميثاق الأمم المتحدة من منصة الجمعية العامة وانتقد الأمم المتحدة بسبب ما أسماه «فشلها» في وقف 65 حرباً منذ إنشائها. انتقد تركيبة مجلس الأمن واصفاً «الفيتو» بأنه «إرهاب». وقال إن أنفلونزا الخنازير قد تكون «مُخلَّقة في المعامل كسلاح حربي». وكان بدأ كلامه بالتحدث باسم الجمعية العامة ليهنئ الرئيس أوباما على كلمته، معرباً عن سروره بأن يكون رئيس الولايات المتحدة أفريقياً وأعرب عن موافقته وتقديره لخطابه مقتطفاً مه بإسهاب.
وركز الأمين العام بان كي – مون في كلمته على أهمية الديبلوماسية المتعددة الجنسية وقال: «إذا كان هناك وقت لنتصرف بروح التعددية – حانت تلك اللحظة الآن لإنشاء أمم متحدة بإجراءات جماعية حقيقية».
وجاء في كلمته «عملنا لنوقف سفك الدماء في غزة، لكن ما زال سكان غزة يعانون... يجب علينا إحياء المفاوضات نحو تأسيس الدولتين وسلام شامل في الشرق الأوسط». وقال: «لا نستطيع تحقيق أهدافنا النبيلة من غير السلام والأمن والعدالة». وأشار الى «تعزيز تقدم» في دارفور والى «تحسن هادئ تدريجي» في العراق، والى «محيط صعب» في أفغانستان إذ أن «الانتخابات الأخيرة كشفت عن خلل جدي. لكن لا نستطيع أن ننسى التحسن الموجود الذي نستطيع أن نبني عليه. ونحن ملتزمون رؤية الأفغان يتجاوزون الفترة المظلمة وسنبقى معهم – وكذلك مع الشعب الباكستاني».
وشدد بان على حيوية عمل المحكمة الجنائية الدولية والتي تحدث لاحقاً الرئيس الليبي ضدها وبازدراء.
رئيس الجمعية العامة علي التريكي قال في كلمته ان القضايا المستعرة والنزاعات لا يمكن حلها سوى بالتعاون العالمي، مشيراً الى فشل السياسة الانفرادية ومؤكدا ان الأمم المتحدة تمثل الديبلوماسية المتعددة الجنسية. كما دعا الى العمل الحثيث والسريع من أجل تسوية شاملة وعادلة في الشرق الأوسط.
وفيما كان التريكي تقدم بالرجاء الى جميع القادة بأن تقتصر كلماتهم لمدة 15 دقيقة فقط، استغرق خطاب القذافي حوالى الساعة مخاطباً الموجودين عن إرهاقهم وعن الوقت الذي استيقظ به صباحاً.
وتذمر القذافي من الترتيبات الأمنية واصفاً نيويورك بأنها تعامل رؤساء الدول وكأنهم في معتقل غوانتانامو. ودعا الى نقل الأمم المتحدة الى مقر غير نيويورك ليخرج من السيطرة الأميركية. وكان ذلك أول خطاب له يلقيه في الأمم المتحدة.
وفي أول خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي انتظرت منطقة الشرق الأوسط أن يتضمن رؤيته لكيفية التوجه نحو حل للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، طرح الرئيس الأميركي خطوطا عريضة، متعهداً العمل الدؤوب نحو «سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين والعالم العربي».
وأشار أوباما الى «بعض التقدم» في المحادثات الثلاثية مع كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي «إنما هناك حاجة الى المزيد». وقال: «إننا مستمرون في مطالبة الفلسطينيين بإنهاء التحريض ضد إسرائيلي. ونحن مستمرون بالتشديد على أن أميركا لا تقبل شرعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية».
وتابع: «لقد حان الوقت لإعادة تحريك المفاوضات – بلا شروط مسبقة – لمعالجة المسائل المعنية بالوضع النهائي: الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين، والحدود، واللاجئون، والقدس. وهدفنا واضح: دولتان تعيشان جنباً الى جنب بسلام وأمن – دولة إسرائيل اليهودية بأمن حقيقي لجميع الإسرائيليين، ودولة فلسطينية مستقلة قابلة للعيش في أراض متواصلة تنهي الاحتلال الذي بدأ العام 1967 وتحقق للشعب الفلسطيني تطلعاته».
وأضاف أوباما: «وحين نسعى وراء تحقيق هذا الهدف، إننا أيضاً سنسعى وراء السلام بين إسرائيل ولبنان، وإسرائيل وسورية، ونحو سلام أوسع بين إسرائيل والكثير من جيرانها. وفي سعينا وراء هذا الهدف، سنطوّر مبادرات إقليمية بمساهمة ومشاركة متعددة الجنسية بموازاة مع المفاوضات الثنائية».
وتوجه أوباما الى الرؤساء والقادة في قاعة الجمعية العامة قائلاً: «لست بسيطاً جاهلاً. إنني أدرك كم سيكون ذلك صعباً. إنما يجب علينا أن نقرر إن كنا جديين بمسألة السلام، أو إن كنا فقد نبيع الكلام. فكسر الأنماط القديمة – كسر حلقة انعدام الأمن وتفشي الإحباط – لتتطلب منا جميعاً أن نقول علناً ما نعترف به في المجالس الشخصية المغلقة». وأكد حق الفلسطينيين والإسرائيليين للعيش في «كرامة وأمن» وقال: «على رغم أنه ستكون هناك نكسات وبدايات زائفة وأيام صعبة، لن أتخلى عن اعتزامي السعي وراء السلام».
وتناول الرئيس الأميركي مسألة «التطرف العنيف»، معتبرا ان المتطرفين الذين «يعززون الصراعات عبر تشويه الدين فقدوا صدقيتهم وعزلوا أنفسهم فهم لا يقدمون سوى الكراهية والدمار. ولمواجهتهم، ستبني الولايات المتحدة تحالفات متينة عبر تبادل معلومات استخبارية من أجل فرض القانون وحماية الناس».
وشدد: «لن نسمح بوجود ملجأ آمن لـ «القاعدة» لتقوم بشن هجماتها من أفغانستان أو أية دولة أخرى. سنقف بجانب أصدقائنا في الصفوف الأولى، كما نفعل»، مشدداً على «مواصلة الانخراط الإيجابي لبناء الجسور بين الأديان ومن أجل شراكات جديدة لفرصٍ جديدة».
وحول المسألة النووية، قال أوباما: «أولاً يجب علينا إيقاف انتشار الأسلحة النووية وأن يكون هدفنا عالماً يخلو منها، اليوم، خطر الانتشار يكبر في مجهره وتعقيده. إذا فشلنا على أن نتصرف، سنبدأ مسابقة الأسلحة النووية في كل منطقة، واحتمال الحروب وعمليات الإرهاب، بمقياس من الصعب أن نتخيله». وأضاف: «يجب أن ندعم الجهود لتعزيز اتفاق عدم الانتشار والدول التي ترفض أن تواجه التزاماته يجب أن تواجه العواقب... اذا اختارت إيران وكوريا الشمالية أن يتجاهلا المقاييس الدولية، يجب أن تحاسبا.... يجب أن يقف العالم معاً ليثبت أن القانون الدولي ليس فقط تعهداً فارغاً وأن التعهدات ستنفذ. يجب علينا أن نؤكد أن المستقبل لا يمتلكه الخوف».
وتعهد الرئيس الأميركي أمام الجمعية العامة «بعهد جديد من التعاون المتعدد الأطراف» وقال: «حان الوقت للعالم لاتخاذ وجهة جديدة. ينبغي أن نفتح عصراً جديداً من التعاون المتعدد الأطراف القائم على مصلحة واحترام متبادلين: «داعياً الى الابتعاد عن الانعزالية والى الكف عن التذمر وإلقاء اللوم على أميركا بسبب تفردها في العالم»، قائلاً إن أولئك الذين اعتادوا على ذلك اللوم «لا يستطيعون اليوم أن يقفوا جانباً وينتظروا أن تحل أميركا كل مشاكل العالم». وأكد: «حان لكل منا أن يتحمل قسطه من المسؤولية» مؤكداً أن أميركا اليوم مؤمنة أنه «لا يمكن لدولة واحدة أن تحاول الهيمنة على الدول الأخرى».

Tidak ada komentar: